يوم الاحد في 23\1\2011 كان يوم وداع الفقيدة الرفيقة المربية ماري غربية فارس ، في بلدة الشيخ محمد – عكار . فقد احتشد رفاق الفقيدة في الحزب الشيوعي اللبناني يتقدمهم عضو المكتب السياسي في الحزب مسؤول محافظة الشمال محمود خليل واصدقائها وزملائها في جمعية النجدة الشعبية اللبنانية ، و حشد كبير من اهالي عكار و الشمال ، لوداع ماري الى مثواها الاخير .
وقد حضر التشييع نواب سابقون وحاليون و ممثلوا الهيئات التربوية و الاجتماعية و الثقافية في عكار و الشمال و رؤساء البلديات و المخاتير من مختلف القرى العكارية و اهالي بلدة الشيخ محمد . و بعد انتهاء الصلاة على جثمانها الطاهر القى الرفيق سعد الله سابا مسؤول منظمة الحزب الشيوعي في عكار و عضو قيادة الحزب في الشمال ، كلمة تأبينية قال فيها .
أَهُوَ النُّعَاْسُ ذَلِكَ الثَّوْبُ الَّذِي ارْتَدَتْهُ مَاْرِي ، فِيْ سَفَرِهَا الْمُفَاْجِىءِ الَّذِيْ شَكَّلَ السُّؤَاْلَ عَمَّنْ يُضِيْىءُ " قَمَرًا لِلْعَاْبِرِيْنَ " ، بَيْنَمَاْ خَيْمَةٌ مِنَ الْمَرَاْرَةِ وَالتَّعَبِ تُظَلِّلُ رِحْلَتَهَاْ فِيْ قِطَاْرٍ لاْ يَعُوْدُ بِمُسَاْفِرِيْهِ وَأَسْئِلَةٌ تَسْرُدُ جَدَلِيَّةَ الْوُجُوْد.
وَلَكِنَّ مَاْرِي ، وَهِيَ تَهْمُسُ أَلَمَهَاْ كَاْنَتْ تَحْثُّ الْخُطَى إِلَى حَيْثُ لاْ يَنْتَظِرُهَاْ أَحَدٌ لِكَيْ لاْ تُحِسُّ بِهَذَا الأَلَمِ فَتَتَأَلَّمُ ، لاْ الزَّوْجُ وَلاْ الصَّدِيْقُ ،لاْ الرَّفِيْقُ وَلاْ الْجَاْرُ وَلاْ أَيُّ عَاْبِرِ سَبِيْل .فَهِيَ لَمْ تَكُنْ أَبَدًا تَتَعَاْمَلُ مَعَ الْحَيَاْةِ كَأَنَّهَاْ بَقَاْيَاْ فُتَاْتٍ هَزِيْلَةٍ بَلِ الْحَيَاْةِ الْحُبِّ ، الْحَيَاْةِ الشَّمْسِ وَالْوَرْدِ ، الشَّبَاْبِ وَرُوْحِ التَّحّدِّي ، نَعِيْشُهَاْ بِقُوَّةِ إِرَاْدَتِنَاْ قَبْلَ أَنْ نَرْحَلَ إِلَى النِّسْيَاْنِ حَاْمِلِيْنَ الْحُزْنَ بِخِفَّةٍ وَهُدَى الْخُطُوَاْتِ إِلَى سَفَرِ التُّرَاْب .
بَاْغَتَنِي الْحُزْنُ يَاْ مَاْرِي ، فَرُحْتُ أُلَمْلِمُ رَذَاْذَ الذَّاْكِرَةِ مُتَجَاْوِزًا رُكَاْمَ الْكَلاْمِ الْمُتَنَاْثِرِ خَاْرِجَ الأَحَاْسِيْسِ، فَأَسْتَعِيْدُ فِيْ حَضْرَةِ الْمَوْتِ الُمُهِيْبِ شَرِيْطَ التَّفَاْصِيْلِ الْحَاْرَّةِ الّتِيْ جَمَعَتْكِ مَعَ رَفِيْقِنَاْ وَرَفِيْقِ عُمْرِكِ الْمُنَاْضِلِ الْمُؤَسِّسِ حبيب فارس ،حَيْثُ كَاْنَ الْوَاْحِدُ مِنَّاْ يَكْسُرُ شَرَاْنِقَ الاِنْتِمَاْءِ إِلَى الْعَصَبِيَّةِ وَيُطِلُّ عَلَى الْوَطَنِ ، فِي الاِشْتِبَاْكِ الْيَوْمِيِّ مَعَ ذَاْكَ الْحِلْفِ غَيْرِ الْمُقَدَّسِ بَيْنَ الْعَصَبِيَّاْتِ الْمُؤْتِلَفَةِ أَحْيَاْنًا وَالْمُتَنَاْحِرَةِ أَحْيَاْنًا كَثِيْرَة .
كَبُرَ طُمُوْحُكِ وَازْدَاْدَتْ وَطْأَةُ نِظَاْمٍ لِمْ يَكُنْ طِوَاْلَ تَاْرِيْخِهِ قَاْدِرًا عَلَى ضَمَاْنِ الْمُسْتَقْبَل . وَبَاْتَ النَّاْسُ لاْ يَعْرِفُوْنَ شَيْئًا وَاْضِحًا عَنِ الْيَوْمِ التَّاْلِي ، وَكَلِمَةُ الْمُسْتَقْبَلِ أَصْبَحَتِ اصْطِلاْحًا غَرِيْبًا . إِنَّنَا فِيْ خِضَمِّ ضَجِيْجِ يَصُمُّ الآذَاْن ، ضَجِيْجٌ يَبْتَعِدُ عَنِ الْمَعْنَى الْجَوْهَرِيِّ لِلْعَدَاْلَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالدِّيْمُقْرَاْطِيَّة ، عَنِ الْمَعْنَى الْحَقِيْقِيِّ لِلْخُبْزِ وَالْوَرْدِ وَالْحُبِّ وَالْجَمَاْلِ وَالْحَيَاْةِ .
إِلاَّ أَنَّ مَاْرِي اسْتَمَرَّتْ مُعَلِّمَةً مُرَبِّيَةً ، أَحَبَّتْ كَمَاْ أَحَبَّهَاْ أَطْفَاْلُ وَأَهَاْلِيْ " كُرُوْم عَرَب" ، وَرَفِيْقَةً مُنَاْضِلَةً فِي الْحِزْبِ الشُّيُوْعِيِّ اللُّبْنَاْنِيِّ ، تَخَطَّتْ طُمُوْحَاْتِهَاْ وَتَطَلُّعَاْتِهَاْ حُدُوْدَ الْمَدْرَسَةِ إِلَى الاِهْتِمَاْمِ بِالشَّأْنِ الْعَاْمِّ فِي سَبِيْلِ وَطَنٍ حُرٍّ وَشَعْبٍ سَعِيْد . فَكَاْنَ يَسْكُنُهَاْ وَجَعٌ دَاْئِمٌ وَهَاْجِسٌ مُتَوَقِّدٌ وَفِكْرٌ رَاْئِدٌ فِيْ مُوَاْجَهَةِ الْعَصَبِيَّاْتِ الْعَاْئِلِيَّةِ وَالطَّاْئِفِيَّة .
مَنْ لَمْ يَعْرِفْهَاْ فِي الْعَمَلِ الإِغَاْثِيِّ وَالإِنْمَاْئِيّ ، مُنَاْضِلَةً فَذَّةً وَقَاْئِدَةً مُتَفَاْنِيَةً فِيْ جَمْعِيَّةِ النَّجْدَةِ الشَّعْبِيَّةِ اللُّبْنَاْنِيَّة . فَالرَّفِيْقَةُ مَاْرِي لَمْ تَكُنْ يَوْمًا بَعِيْدَةً عَنْ كُلِّ أَشْكَاْلِ الْعَمَلِ الشَّعْبِيِّ الّذِيْ وَاْكَبَ كُلَّ الْمَرَاْحِلِ فِيْ زَمَنِ السِّلْمِ كَمَاْ فِيْ زَمَنِ الْحَرْبِ وَإِبَّاْنَ الْعُدْوَاْنِ الصُّهْيُوْنِيِّ.
بَاْغَتَنِيْ الصَّمْتُ أَيَّتُهَا الرَّاْقِدَةُ فِيْ غَفْلَةٍ عَنَّا أَيَّتُهَا الشَّاْهِدَةُ الْحَيَّةُ عَلَى كُلِّ إِنْجَاْزَاْتِنَاْ وَخَيْبَاْتِنَاْ أَيَّتُهَا الْعِصَاْمِيَّةُ حتَّى القَسَاْوَة ، أَيَّتُهَا الْمَسْكُوْنَةُ بِالآمَاْلِ وَالطَّهَاْرَةِ ، لَيْسَ بِوُسْعِكِ التَّرَجُّلِ ، نُسْغُ الذَّاْكِرَةِ يَدُبُّ ، مِنْ خِلاْلِ سِيْرَةِ حَيَاْتِكِ الرَّؤُوْفَةِ الْمِعْطَاْءَةِ فِيْ شَرَاْيِيْنِ حَاْضِرِنَاْ وَغَدُنَاْ .
مَاْرِي .... إِنَّكِ الشَّاْهِدُ فِيْنَاْ ، أَتَيْنَاْ إِلَيْكِ مِنْ كُلِّ حَدْبٍ وَصَوْب ، نَحْنُ أَهْلُكِ وَرِفَاْقُكِ وَمُحِبُّوْكِ لِنَقْطُفَ مِنْ عَيْنَيْكِ جَدَاْوِلَ الْفَرَحِ وَلْنُضَمِّدْ مَعًا دَمْعَةً نَزَلَتْ فِي الْقَلْبِ بِكُلِّ مَاْ أُوْتِيْنَاْ مِنْ قُدْرَةٍ عَلَى حَمْلِ الأَمَاْنَة. وَلْنَنْحَنِ بِإِجْلاْلٍ أَمَاْمَ مَهَاْبَةِ جُثْمَاْنِكِ الطَّاْهِرِ ، فَازْرَعِيْ فِيْ قُلُوْبِنَا الصَّبْرَ الْجَمِيْلَ وَالأَمَلَ الْوَاْعِدَ أَبَدًا بِالْحَيَاْة .
23\1\2011
القسم : القسم الرئيسي - الزيارات : [1902] - التاريخ : 28/1/2011 - الكاتب : administrator
Development by: ziad Farhat